كيف غيرت الأسلحة النارية طريقة الحروب في اليابان
قبل القرن التاسع عشر عاشت اليابان في عزلة نسبية حيث كان اتصل الأجانب متقطع مع الأمة النائية اليابان ولكن حتى عام 1853 ظل الشرق والغرب متباعدين و على الرغم من انقطاعها عن بقية العالم لم يكن لدى قادة اليابان سوى القليل من التهافت بشأن اعتماد أي تكنولوجيا أجنبية جاءت في طريقهم.
واحدة من تلك التقنيات كانت الأسلحة النارية. وصلت الأسلحة النارية الأولى إلى اليابان في عام 1453 عندما أجبرت سفينة تجارية صينية من مستعمرة برتغالية على العودة إلى الشاطئ -بر اليابان- خلال عاصفة. من هذه السفينة اشترى اثنان من كبار القادة اليابانين عدد 2 مسكيت muskets.

muskets
و على الرغم من أن الحدادين اليابانيين يمكنهم أن يعيدوا إنتاج معظم الأسلحة إلا صناعة السبطانة الخاصة بالسلاح ثبت أنها صعبة للغاية ولم يتمكنوا من ذلك الامر حتى رست سفينة أجنبية أخرى على الجزيرة حيث تعلم اليابانيون سر تصنيع الأسلحة النارية.

مسدس أوروبي سنة 1380. طوله 18 سم ووزنه 1.04 كجم.
في ذلك الوقت كان اعتماد المحاربيين اليابانيين على الرمح والسيف حيث يخوض المبارزون المدربون جيداً مبارزة ضد عدوهم بينما تكون هناك قوات رماة مكونة من الفلاحيين تقوم بحماية الأجنحة و بالتالى حماية المبارزين من الفرسان الاعداء.
بشكل عام كانت المعارك في كثير من الأحيان ذات طبيعة فوضوية مع تنسيق تكتيكي قليل حيث يدخل المقاتلون في مشاجرة سيئة التنظيم لا تختلف عن قتال الشوارع مع قدوم الأسلحة النارية ستتغير الاكثير من الاشياء.

ساموراي من عشيرة شيمازو
سرعان ما فهم أمراء الحرب الإقطاعيون مزايا الاسلحة النارية Tanegashima matchlocks المبكرة. عين اللوردات مشترين خاصين بهم في كل من ناغازاكي و هيرادو لشراء الأسلحة النارية كلما رست السفن الأجنبية في الموانيء اليابانية. لاحظ الأجانب تهافت اليابانين على شراء الاسلحة النارية حيث قاموا بالترفيع في اسعارها و مع ذلك دفع اللوردات الثمن بكل سرور.


جنود المشاة اليابانيين (ashigaru) يطلقون النار من خلال hinawaju matchlocks خلال عملية تدريب ليلي وذلك باستخدام الحبال للحفاظ على الارتفاع المناسب لاطلاق النار.

وفي الوقت نفسه تعلم الحدادون في جميع أنحاء الجزر اليابانية ببطء مهارات تصنيع الأسلحة النارية مما سمح لهم بإنتاج البنادق الخاصة بها. بعد الحصول على أحدث الأسلحة من الغرب احتاج اليابانيون فقط إلى فرصة لاستخدامها و تجريبها.
وصلت الأسلحة النارية إلى اليابان خلال فترة الولايات المتحاربة وهي الفترة التي كانت فيها اليابان منقسمة بين اللوردات الإقطاعيين و مع ذلك كان العديد من الرجال لهم امل في توحيد الجزر في دولة واحدة وقد رأوا جميعًا كيف يمكن لقوة الأسلحة النارية أن تحقق ذلك.
أمر أودا نوبوناغا الرجل الذي سيوحد اليابان في نهاية المطاف امر الحدادين التابعيين له بتصنيع 500 سلاح ناري في عام 1549

صورة تخيلة لـ Oda Nobunaga
في عام 1555 دافع تاكيدا شينجين منافس نوبوناغا عن حصنه في هيتاشي مع ما يقرب 300 بندقية. لاحظ كلا الرجلان بقوة البارود. و دون شينجين في 1575ما يلي: من هذا اليوم فصاعدا ستكون البنادق أكثر ما نحتاجه. عليك أن تختار الجنود المهرة وتحملهم بالسلاح. ثم اختبر إطلاقهم [القدرة] ثم اخترهم وفقا لمهارتهم. أولئك الذين لم يتلقوا تدريبا جيدا إما على القوس أو البندقية يجب ألا يتم إدخالهم إلى المعركة.
أثبتت الأسلحة النارية أنها عامل حاسم بين النصر أو الهزيمة لأمراء الحرب المتناحرين. في معركة ناغاشينو ضمت قوة نوبوناغا البالغ عددها 70،000 جنديًا حوالي 3000 رجل مسلحين بالبنادق. حقق نوبوناغا انتصارا حاسما في ذلك اليوم من خلال نشر أسلحته النارية لمواجهة فرسان العدو. و كذلك من خلال الجمع بين الحواجز الدفاعية و استخدمه ما يطلق عليه وابل النيران هو تكتيك عسكري، هو عملية اصطفاف الجنود في خط واحد ويقومون بإطلاق النار معاً بإتجاه قوات العدو. عادةً، لتلافي عدم الدقة، ومعدل النيران البطيء، وقصر المدى للسلاح لخلق أكبر تأثير على العدو حيث امكن له ايقاف تقدم الفرسان.

volley fire


هكذا كان تأثير الأسلحة النارية في اليابان حيث أنها غيرت طبيعة الحرب وحظت بعصر جديد في الاستراتيجية التكتيكية اليابانية حيث غيرت ترتيب القوات بحيث لم تعد عبارة على مجموعة من الغوغاء الذين يقاتلون ضد بعضهم البعض.
نتيجة الانضباط و التدريب المحكم على استخدام السلاح الناري داخل الميدان وخارجه و الاستراتيجية والتكتيك العسكريين المناسبين ساعد نوبوناغا في توحيد اليابان.
غيرت الأسلحة النارية بشكل جذري تكتيكات الحرب في اليابان ونتيجة لذلك سمحت بتوحيد أمراء الحرب وإنشاء دولة موحدة في نهاية المطاف.

 
Top