عندما انظم هيرو أونودا الى الجيش الياباني في الثامنة عشرة من عمره ، لم يكن يعرف أنه سيقاتل و سنخرط في ما سيصبح الحرب الأكثر دموية في تاريخ العالم. لم يدر في خلده يوما أن العالم وكل من يعرف سيتركونه خلفهم بينما يواصل خوض هذه الحرب وحده .
ولد هيرو أونودا في 19 مارس 1922 في قرية كاميكاوا. في سن السابعة عشرة بينما كان يعمل في شركة تاجيما يوكو وهي شركة تجارية في الصين لم يكن أونودا يدرك أنه سرعان ما سيفعل شيئًا من شأنه أن يخلد في صحف التاريخ على أنه شجاعة أو حماقة.
بعد أن تم تجنيده في الجيش الياباني بدأ يتدرب كضابط مخابرات في "فوتاماتا" مع قوات الكوماندو في مدرسة ناكانو. بعد أربع سنوات ، تم إرساله إلى جزيرة لوبانج في الفلبين.
هيرو أونودا في 1944
بدت أوامره الموجهة له بسيطة: أيقاف العدو من الاستيلاء على الجزيرة باستخدام الوسائل المتاحة له حتى تدمير الرصيف أو مهبط الطائرات طالما أنه يعرقل هجمات العدو.
لم يكن متاح أن يستسلم أو ينهي حياته كان قد وعد بأن اليابانيين سيأتون للبحث عنه بغض النظر عما قد يتطلبه الأمر حتى ذلك الحين كان عليه أن يتصرف بطريقته الخاصة حتى يتم اخراجه كما وعد.
جزيرة لوبانج
ولدى وصوله إلى الجزيرة انضم أونودا إلى الجنود الموجودين هناك بالفعل و لكنه وجدا جنودا اعلى منه رتبة وبسبب هذا لم يكن أونودا قادرا على القيام بواجباته بشكل فعال من إعاقة هجمات العدو.
في عام 1945 هبطت القوات الفلبينية والأمريكية على جزيرة لوبانغ وتولت زمام الأمور هناك استسلم كل الجنود اليابانيين باستثناء أونودا وثلاثة رجال آخرين وأمر أونودا الذي كان في الوقت الراهن برتبة ملازم أول الرجال الثلاثة بالاختباء في التلال حيث اختبأوا بعيدا عن القوات المحتلة.
هيرو اونودا (إلى اليمين) مع شقيقه جيرو.
العريف شويتشي شيمادا و الجندي كينشيتشي كوزوكا والجندي يويتشي أكاتسو الرجال الثلاثة الذين استمروا مع أونودا في حملته لصد الهجمات الفلبنية و الامريكية.
لجأت المجموعة إلى استخدام حرب العصابات ضد العدو وجمع أكبر قدر من المعلومات.
في 15 أغسطس 1945 ، انتهت الحرب ولكن دون معرفة شيء عن استسلام اليابان واصل اونودا وفريقه مهمتهم. حولوا تركيزهم إلى مراقبة الناس الذين يرتدون ثياب مدنية والتي شعروا أنها تحرك تكتيكي من قبل قوات الحلفاء لإعطائهم إحساساً زائفاً بالأمن وإخراجهم.
ممثلو الامبراطورية اليابانية يقفون على متن السفينة الأمريكية ميزوري قبل التوقيع على اتفاقية الاستسلام.
في أكتوبر 1945 وجد فريق اونودا نشرة تعلن أن اليابان قد استسلمت حيث تقول النشرة: "انتهت الحرب في 17 أغسطس انزل من الجبل".
وقد انتاب هذا الاكتشاف فريق اونودا بقلق شديد وقاموا بتدقيق المنشور واتفقوا على أنه غير أصلي كانت هذه النشرة تدخل في المجهود المبذول الذي تقوم به قوات الحلفاء لإخراجهم لذلك استمروا في القتال لقد أدركوا أنه إذا كانت الحرب قد انتهت بالفعل فلن يقوم أحد بالرد عليهم.
أفراد من قوات الحلفاء تحتفل باستسلام اليابان في باريس.
وبمرور الوقت بذلت جهود أخرى لإخراجهم من مخبئهم بما في ذلك أمر مطبوع من الجنرال تومويوكي ياماشيتا من جيش المنطقة الرابع عشر كل هذه الجهود سقطت لأنها جعلت الرجال يشعرون بمزيد من التهديد.
صورة تومويوكي ياماشيتا
بعد أربع سنوات من العيش في التلال ابتعد الجندي أكاتسو بعيدا عن بقية الفريق واستسلم للقوات الفلبينية هذا جعل الآخرين حذرين أكثر وذهبوا أعمق في الاختباء بينما لا يزالون يمارسون أنشطة حرب العصابات.
في عام 1952 تم اسقط صور و رسائل من خلال الطائرات على الجزيرة موجهة من عائلات الجنود متوسلة الى أونودا و فريقه بأن الحرب قد انتهت. لم تنجح هذه حتى لأن أونودا كان مقتنعا أنها كانت خدعة.
في مايو 1954 قُتل شيمادا بالرصاص على يد فريق بحث أُرسل للعثور عليهم. وبعد مرور ثمانية عشر عاماً قتلت الشرطة المحلية كوزوزكا بينما كان الرجال اليابانيون يمارسون أساليب حرب العصابات من خلال احراق محاصيل الأرز الذي يجمعه سكان الجزر.
الان اصبح أونودا بمفرده ومع ذلك لم يمنعه الامر من أداء واجبه كما كان يعتقد لصالح أمته.
في عام 1974 كان نوريو سوزوكي وهو مستكشف ياباني يسافر حول العالم بقائمة من الأشياء السخيفة للعثور عليها مثل رجل الثلج والباندا البرية و قد ادرج في قائمته العثور على أونودا و من المثير للدهشة أن سوزوكي وجد أونودا وأصبح صديقًا له لكنه لم يتمكن من إقناعه بالعودة إلى المنزل لذلك أخذ الصور إلى اليابان كدليل وأخبر السلطات اليابانية بالشروط اللازمة لأونودا للاستسلام.
سوزوكي وهيرو أونودا في فبراير 1974 في جزيرة لوبانج حيث يحمل سوزوكي بندقية أونودا و كان المقصود من الصورة ان تكون دليلا على أن أونودا كان على قيد الحياة.
تم إرسال الميجور يوشيمي تانيجوتشي الضابط السابق للأونودا والذي كان يعمل حينها في مجال بيع الكتب لإعفائه من مهامه ووفاءًا بالوعد الذي قطعه للملازم أونودا "سوف نعود من أجلك."
هيرو أونودا (إلى اليمين) يعرض سيفه العسكري على الرئيس الفلبيني فرديناند إي ماركوس (يسارًا) في يوم استسلامه11 مارس 1974.
سلم أونودا سيفه وبندقيته والعديد من القذائف و الذخيرة التي كانت بحوزته الى الرئيس فرديناند ماركوس و في خطوة غير شعبية مع شعبه منح ماركوس الجندي الياباني عفوا كاملا لجرائمه.
وهكذا انتهى كل عمل من أعمال سفك الدماء في الحرب العالمية الثانية مع عودة أونودا إلى مسقط رأسه حيث لقى ترحيبا حار باعتباره بطل حرب بعد ذلك سافر أونودا إلى البرازيل للتخلص من الصدمة وما شعر به هو انخفاض القيم في الثقافة اليابانية لكنه لم يستطع البقاء هناك لفترة طويلة.
وعاد إلى اليابان في عام 1980 لبدء معسكر أونودا شيزين جوكو التعليمي للشباب بسبب مقتل صبي ياباني حيث كانت تلك الحادثة حافزا له للعودة كقوة أخيرًا إلى وطنه الام اليابان.